بين يدي "الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة" للسيوطي

بين يدي "الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة" للسيوطي[1]

الحمد لله ربِّ العالمين، والصّلاة والسلام على سيِّد الأولين والآخرين، سيدنا محمد المصطفى الأمين، وعلى آله الطيبين، وأصحابه الميامين، والتابعين، ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وبعـد:

فإنَّ في حياة السيدة فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - الكثيرَ من الدروس والعبر، التي يحسنُ بالمسلم التوقُّفُ عندها، وتأملُها والاستفادةُ منها.

وهذه رسالة جليلة، مِنْ آثار الإمام جلال الدين السيوطي، جمَعَ فيها طرَفاً مِنْ مناقب هذه السيدة آخر بنات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبهنّ إليه، وقد أدرجها في "فهرست مؤلفاته"، ضمن علم الحديث وتعلقاته.

وقد ألّفَ العلماءُ في فضائل السيدة فاطمة ومناقبِها، من القدماء والمعاصرين مؤلفات كثيرة، وشاعت هذه المؤلفات وتُدوولت[2].

وهذه كلمات في الرسالة وعملي فيها:

♦ مضمونها:

تناولَ فيها السيوطي رحمه الله -كما قلتُ- طَرَفاً مِنْ مناقب السيدة فاطمة، وفضائِلها وروايتِها عن والدِها عليه الصلاة والسَّلام.

وقد بدأ بالحديثِ المشهورِ عن عملها في بيتها وشدةِ العمل عليها، والتماسِها خادماً مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم تعينُها على شؤون البيت، وتعليمِ رسول الله لها ولزوجِها أبي الحسن أذكاراً خيراً من خادم، وأطالَ في تخريجه معتمداً على «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» للحافظ المزي، وغيره.

ثم ذكر العناوين الآتية:

• ذكر الأحاديث الواردة في تزويج فاطمة رضي الله عنها.

• ذكر خصائص فاطمة ومناقبها.

• فصل في سنِّها ووفاتها.

• فائدة في انقطاع نَسَبِ رسول الله إلا منها.

• فائدة في بعض مروياتها.

• ممّا يُنسب إليها من الشعر.

♦ توثيق نسبتها:

ذكر السيوطي هذه الرسالة لنفسهِ في كتبه:

• التحدُّث بنعمة الله[3].

• حسن المحاضرة[4].

• فهرست المؤلفات[5].

وذكرَها له المؤرِّخون كحاجي خليفة[6]، والبغدادي[7]، والعظم[8]، والزركلي[9]، والمعاصرون كأحمد الشرقاوي إقبال[10]، والشيباني[11]، والطباع[12].

• عنوانها:

ذُكرَتْ في المصادر السابقة كلها باسم: «الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة»[13].

وكذلك في نسخة الظاهرية، ودار الكتب المصرية، وحيدر آباد، وديوبند.

ولم يُذكر لفظ «السيدة» في نسخة فلسطين، ولا في نسخة لكناو.

أمّا النسخة الأزهرية «ز» ففيها: سيدتنا فاطمة.

وفي النسخة الأزهرية «أ»: في فضائل ستنا!

ولم يُذكر العنوان ولا المؤلف في نسخة عارف حكمت.

والراجح هو: «الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة»، والباقي من تصرُّف النُّسّاخ.

• مصادرها:

كانت حصيلة المعلومات في هذه الرسالة منتقاة من المصادر الآتية:

• محمد بن إسحاق (ت: 151هـ).

• محمد بن عمر الواقدي (ت: 207هـ) والنقل عنه بواسطة "الطبقات" لكاتبه محمد بن سعد.

• عليّ بن محمد المدائني (ت: 225هـ) ولم يَذْكُر له كتاباً.

• الطبقات لمحمد بن سعد (ت: 230هـ).

• (المسند)[14]لأحمد بن حنبل (ت: 241هـ).

• الزهد، له أيضاً.

• (المسند) للدارمي (ت: 255هـ).

• الصحيح للبخاري (ت: 256هـ).

• الصحيح لمسلم (ت: 261هـ).

• السُّنن لابن ماجه (ت: 273 هـ).

• السُّنن لأبي داود (ت: 275هـ).

• الجامع للترمذي (ت: 279هـ).

• (المسند) للبزار (ت: 292هـ).

• مسند عليٍّ، لمُطَّين: محمد بن عبدالله الحضرمي الكوفي (ت: 297هـ)[15]، ولعل النقل عنه بواسطة "فتح الباري" (11/122).

• الذكر ليوسف بن يعقوب القاضي (ت: 297هـ)، ولعل النقل عنه بواسطة "فتح الباري" (11/123).

• الذكر لجعفر بن محمد الفريابي (ت: 301هـ)، ولعل النقل عنه بواسطة "فتح الباري" (11/121و123).

• السنن للنسائي (ت: 303هـ).

• (المسند) لأبي يعلى الموصلي (ت: 307هـ).

• تهذيب الآثار للطبري (ت: 310هـ).

• (الصحيح) لابن حبان (ت: 354هـ).

• (المعجم الكبير) للطبراني (ت: 360هـ).

• العلل للدارقطني (ت: 385هـ).

ولعل النقل عنه بواسطة "فتح الباري" (11/120).

• معرفة الصحابة لابن مَنْدَهْ (ت: 395هـ)، ولعل النقل عنه بواسطة "دلائل النبوة" للبيهقي الآتي.

• (المستدرك) للحاكم (ت: 405هـ).

• (السنن الكبرى) للبيهقي (ت: 458هـ).

• دلائل النبوة، له.

• شعب الإيمان، له.

• (الاستيعاب) لابن عبدالبر (ت: 463هـ)، ولعل النقل عنه بواسطة "تاريخ الإسلام" للذهبي.

• (تاريخ دمشق) لابن عساكر (ت: 571هـ).

• الموضوعات لابن الجوزي (ت: 597هـ).

• (المنجد الفصيح في شرح الجامع الصحيح) لابن التين الصفاقسي (ت: 611هـ)، والنقل عنه بواسطة ابن حجر.

• السيرة لابن سيد الناس (ت: 734هـ).

• (تاريخ الإسلام) للذهبي (ت: 748هـ)، وأبهم المصدر والمؤلف مرة فقال: «قال العلماء» وهو يريده.

• (فتح الباري) لابن حجر (ت: 852هـ).

• القول المُسَدَّد، له.

• وقد أفاد مِنْ ستة مواضع من «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» للإمام الحافظ المزي (ت: 742هـ) وذلك في تخريج الحديث الأول. ولم يذكره.

• وغير بعيدٍ أنه أفادَ من «البداية والنهاية» لابن كثير (ت: 774 هـ).

• تاريخ التأليف:

لم أجدْ في المصادر ولا في النسخ الخطية ما يُشير إلى تاريخ تأليف هذه الرسالة، لكني أستشعرُ مِنْ ذكر شيخيه تقي الدين الشُّمُنِّي المتوفى سنة 872هـ، ومحمد بن مقبل الحلبي المتوفى سنة 871 هـ أنه ألَّفها في وقتٍ مبكِّر.

وذكرُها في «التحدُّث بنعمة الله» و«حسن المحاضرة» يدلُّ على أنها مبكِّرة.

وعلى أية حال فهي أقدمُ مِنْ كتابه «الجامع الكبير» الذي ضمنه «مسند فاطمة»، وقد توسَّعَ في هذا بذكرِ ما يتعلق بالسيدة فاطمة، ومروياتها[16].

• أثرها:

اشتهرتْ هذه الرسالة بدليل كثرة نسخها، وأفاد منها العلماءُ، ومِنْ هؤلاء مؤلِّف «إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل»[17]، فقد أفاد منها في عدة مواضع، وإنْ لم يصرح[18].

• وصف النسخ:

وقفتُ لهذه الرسالة على تسع نسخ خطية، أذكرُها على حسب تاريخ حصولي عليها:

1- نسخة ضمن مجموع يضم «62» أثراً للسيوطي، ما بين كتاب ورسالة ومقامة، يحتفظ به الأستاذ الدكتور سعيد القزقي من فلسطين.

وقد فُرِغَ من نسخ هذا المجموع يوم الخميس 15 من ربيع الأول سنة 1151هـ، وكان بدء جمعه سنة 1127هـ، على يد فتح الله بن الحاج أبي بكر بن صافي الحلبي الشافعي القادري.

وهذه الرسالة برقم «39».

وتقع في تسع ورقات.

ورمزها: «ف».

2- نسخة مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة برقم ف (4587)، عن نسخة في الظاهرية بدمشق، كتبها إبراهيم بن سليمان بن محمد بن عبدالعزيز الحنفي بدمشق، وانتهى منها نهار الخميس 8 من صفر سنة 1076هـ.

وتقع في ست ورقات.

ورمزها: « ظ».

3- نسخة مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية أيضاً برقم ف (2924)، عن نسخة في دار الكتب المصرية، ولم يذكر تاريخ النسخ ولا الناسخ، فهي ضمن مجموع ولم نره كاملاً.

وتقع في خمس ورقات.

ورمزها: «د».

4- نسخة مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية كذلك برقم ف (2680)، عن نسخة في المكتبة الأزهرية، ورقمها فيها (3960) حليم (34111) تاريخ، ولم يُذكر تاريخ النسخ ولا الناسخ.

وتقع في إحدى عشرة ورقة.

ورمزها: «أ».

وهذه النسخ الأربع حصلتُ عليها سنة 1423هـ.

5- نسخة مصورة عن نسخة مكتبة عارف حكمت، ضمن مكتبة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة، محفوظة برقم (57/232)، وهي بخط شيخ الإسلام عارف حكمت (1200-1275هـ)، كتبها سنة 1248، وجاء في آخرها:

«قد استراحتْ أقدامُ الأقلام، من طيِّ آكام الأرقام في اشتياق الوصول إلى.....[19] والمنقبة الشريفة يوم الاثنين سلخ شهر ربيع الثاني[20] لسنة ثمان وأربعين ومئتين وألف، على يد العُبيَد المذنب الخاطئ المحتاج إلى آلاء ربه الغني أحمد عارف المتعارف بحكمة الله بن عصمة الله الحسيني، المتشرِّف بخدمة النقابة على السّادة الأشراف ببلدة إسلامبول، حماها الله بجزيل الألطاف مِنْ جميع الأطراف، وغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، والحمد لله الملك العلام، والصلاة والسلام على سيد الأنام، وعلى آله الكرام، وأصحابه الفخام، ما فاح مسك الختام».

وهذه الرسالة لم يُذكر عنوانها ولا مؤلفها، ولهذا فُهرست في «فهرس مخطوطات الحديث الشريف وعلومه في مكتبة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة» باسم «ذكر الأحاديث الواردة في تزويج فاطمة رضي الله عنها»[21].

وقد تفضَّل مديرُ المكتبة فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن سليمان المزيني بإهدائي نسخة من هذا الفهرس- وذلك في شعبان سنة 1423هـ- فاكتشفتُ أنَّ هذه المخطوطة - وقد نُشِرت صورةٌ للصفحة الأولى منها - نسخة مِنْ «الثغور الباسمة» للسيوطي، إذ كنتُ قد صوّرتُُ ثلاثَ نسخٍ منها مِنْ مكتبة الجامعة الإسلامية - وهي التي ذكرتُها آنفاً - وذكرتُ هذا للأستاذ المزيني، ثم رجوتهُ برسالة سنة 1424هـ أن يتكرمَ بصورة عنها، فلبى الطلبَ مشكوراً، أحسن اللهُ إليه وجزاه خيراً.

وتقع هذه النسخة في سبع عشرة ورقة.

ورمزها: «ع».

6- نسخة مصورة عن نسخة في الأزهرية برقم (5/37) (42725) تاريخ، ولم يُذكر تاريخ النسخ، ولا الناسخ.

وتقع في سبع ورقات.

ورمزها: «ز».

7- نسخة مصورة عن نسخة مكتبة شبلي النعماني في ندوة العلماء بلكناو- الهند ورقمها (29)، ولم يُذكر تاريخ النسخ ولا الناسخ.

وتقع في (5) ورقات.

ورمزها: «ش».

8- نسخة مصورة عن نسخة مكتبة مؤتمر حيدر آباد التعليمي، في حيدرآباد في الهند، وقد نالت منها الأرضة.

وتقع في سبع ورقات.

ورمزها: «ح».

9- نسخة مصورة عن نسخة دار العلوم في ديوبند في الهند أيضاً، ورقمها هناك (7)، وتاريخ نسخها سنة 1299هـ.

وتقع في عشر ورقات.

ورمزها: «هـ».

وقد حصلتُ على هذه النسخ الثلاث الأخيرة مِنْ مركز جمعة الماجد بدبي[22].

وهذه النُّسخ كلُّها ضمن مجاميع.

• خطة التحقيق:

جريتُ على الخطة المعهودة، نسخاً وإملاء، وتفقيراً وترقيماً، وعزواً وتخريجاً، وتعليقاً وتوضيحاً، وتعريفاً وتقديماً.

وكنت قد قابلتُ النُّسخَ التسعَ بعضها ببعض، وأثبتُّ الفروق، ثم بدا لي فرجعتُ إلى هذه الفروق - وكلها راجعة إلى أخطاء النُّساخ وأوهامهم- فحذفتُها، بما في ذلك ما سقطَ مِنْ هذه النُّسخ، ولم أدعْ إلا أشياء قليلة، رأيتُها مفيدة للقارئ، ذلك أنَّ هذه الرسالة موجهة إلى جمهور الناس، ومثل هذه الفروق تربكُهم وتُشتتُهم، وليس فيها إلا بيان ما بُذِلَ في تحرير النص مِنْ جهد.

ولا بدَّ من القول: إني لم أتخذ نسخة أصلاً، لوجود أخطاء وأسقاط في جميعها، ولاسيما النسخة «أ» فهي كثيرة الأخطاء جداً، ومن الواضح أنَّ ناسخها عاميٌّ، وقد تصرَّف حتى في العنوان فكتب: «ستنا»، بدل «سيدتنا» أو«السيدة».

ومِنْ مشكلات المخطوطات في العصور المتأخرة تسَلُّط النُّسّاخ العوامِّ عليها، وعدمُ المقابلة أو قلَّتُها.

وحسبي أني اجتهدتُ في مقابلة النُّسخ بعضها ببعض، ثم بمراجعة النقول على مصادرها، لإخراج نصٍّ سليمٍ محرَّرٍ.

وكنتُ عملتُ في هذه الرسالة وخدمتها سنة 1424هـ، على النُّسخ الخمس المذكورة أولاً، وتأنَّيْتُ في نشرها على أمل الحصول على نسخة أفضل مما لديَّ، تسدُّ خمسة فراغات في عددٍ منها.

ورأيتُ الآن وقد حصلتُ على النسخة السادسة، والسابعة، والثامنة، والتاسعة - ونسخةٍ مطبوعةٍ في الهند طبعة ضعيفة- أنْ أعودَ إلى ما عملتُ، وأعيد النظر فيه، وأتمَّه، وأخرجه، وقد تأكدَ لي أنَّ هذه الفراغات مِنْ أصل المؤلف، وقد حافظ بعضُ النُّسَّاخ عليها فتركَ مكانَها بياضاً، وتجاوزَ ذلك آخرون، فوصلوا الكلامَ، ولم ينتبهوا إلى ما يُحدثه ذلك مِنْ أخطاء، وهذا مِنْ تصرُّفاتهم المذمومة.

واللهَ نسألُ أنْ يتقبَّل هذا العمل، وأنْ ينفعَ به[23].